أن البحث العلمي في كل المجالات الأدبية
والعلمية
لابد أن يستند على خطوات أساسية تمثل البداية التي ينطلق
منها الباحث في
إنجاز الخطوات اللاحقة من البحث، وكلما
كان إعداد تلك الخطوات سليماً ووفق أسس
علمية انعكستأثار ذلك على النتائج التي يتوصل إليها الباحث في النهاية ، وللبحث
العلمي الجغرافي أصول يجب مراعاتها عند القدوم بكتابة البحث، وهي تعتبر الأصول،
وتمثل البداية التي ينطلق منها الباحث في إنجاز بحثه، وكلما كانت الاستعدادات
سليمة كانت النتيجة ناجحة. وأهم هذه الخطوات:
1-
موضوع البحث.
2-
عنوان البحث.
3-
منطقة الدراسة.
4-
هدف البحث.
5-
أهمية البحث.
6-
مشكلة البحث.
7-
فرضيات البحث.
8-
خطة البحث.
9-
طريق البحث.
10-
تحديد مستلزمات الدراسة الميدانية.
ويستطيع الباحث من خلال تلك الخطوات أن
يحدد ما يجب أن يقوم به لإنجاز البحث. وتضم ما يأتي:
أولاً: اختيار موضوع
البحث:
يمثل
اختيار موضوع البحث الخطوة الأولى في البحث العلمي الجغرافي، سواء في مجال
الجغرافيا الطبيعية أو الجغرافيا البشرية، وكثيراً ما يكون الطالب غير مستقر في
اختيار التخصص المناسب في المجال الطبيعي أو البشري، وربما يغير اتجاهه مرة أو
مرتين، ويزداد الأمر تعقيدا عندما يستشير الباحث أطراف أخرى لغرض الاستقرار على
توجه معين، فأحدهم يشجعه نحو الطبيعة وآخر نحو البشرية، وربما يمضي وقت طويل حتى
يستقر على رأي معين، وهنا أود أن أشير إلى شيء مهم أن من خصائص الباحث أن تكون
لديه الرغبة والقدرة على البحث العلمي ألا أنه من المؤسف معظم الذين ينتسبون إلى
الدراسات العليا برغبة في الحصول على الشهادة دون القدرة، لذا يفشل – الكثير منهم
ويترك الدراسة والبعض إن حالفه الحظ وتجاوز عقبة السنة التحضيرية والسبب هو أن بعض
الأساتذة أضعف من الطالب، وقد يتعثر في الكتابة ولكن قد يحالفه الحظ أيضاً ويكون
مشرفه معوق علمياً أيضا هو في واد والعلم في واد، وقد أخذ الكثير من الأساتذة
يدفعون بالباحثين للكتابة في مواضيع يجعلها الباحث والمشرف، على سبيل المثال يقترح
الأستاذ على الطالب أن يكتب في نظم المعلومات الجغرافية في الوقت الذي هو نفسه لا
يعرف ما هي النظم ولا الباحث، وتكون النتيجة الدوران في حلقة مفرغة وعدم التوصل
إلى نتيجة ويكون البحث عبارة عن معلومات سطحية لا قيمة لها، ويكون سبباً في تعثر
الطالب، أو قد يحدث العكس الباحث يقترح موضوع لا يفهم به هو ولا مشرفه، وهذا ما هو
سائد في الوقت الحاضر في معظم جامعات الوطن العربي، على أية حال اختيار موضوع
البحث يشكل عقبة أمام الباحث، وقد تكون لدى الباحث الرغبة الشديدة والقدرة العالية
في البحث وهذا يعني الثقة العالية بالنفس فيحدد الاتجاه الذي يرغب فه منذ دخوله
الدراسة، وربما يحدد حتى التخصص الدقيق الذي يرغب فيه، على سبيل المثال يرغب البحث
في الجغرافيا الطبيعية تخصص مناخ أو حيوية أو جيومورفولوجي أو غير ذلك، أو في مجال
البشرية تخصص مدن أو اقتصادية أو أي تخصص دقيق يرغب به، وعلى الباحث أن يأخذ مجموعة
من الاعتبارات عند اختياره موضوع البحث منها ما يأتي:
1-
أن يكون الموضوع غير مدروس من قبل باحث آخر في نفس الجامعة أو في جامعات أخرى، لذا
عليه أن يتحقق من ذلك من خلال البحث والتحري من الكل المصادر المتاحة، فإذا ما
تأكد ذلك لدى اللجنة العلمية يتم رفض الموضوع ويرجع الباحث إلى البداية في البحث
عن موضوع آخر.
2-
أن يكون الموضوع مهم ويفضل أن يكون في إحدى المجالات التطبيقية بعيداً عن سرد
المعلومات وعرضها بشكل عام لا معنى لها ولا أهمية، وربما لا تقتنع اللجنة العلمية
أيضاً بطبيعة الموضوع ويتم رفضه.
3- أن تتوفر القناعة التامة لدى الباحث في الموضوع الذي طرحه
وتتبلور فكرة تامة عنه، وكثيراً ما ينحصر تفكيره في إطار ضيق هل تتوفر مصادر عنه
أم قلة المصادر المتوفرة، ولكن المفترض بالباحث العلمي أن تتوفر لديه روح التحدي
والتفرد من خلال اختيار مواضيع نادرة
ومهمة ليكون متميزاً عما سواه في مجال البحث العلمي، وكلما توفرت القناعة والرغبة
تحقق الإبداع.
4- عند اختيار الموضوع يجب أن يكون ضمن نطاق المعقول ومحدد،
والابتعاد عن العمومية والتركيز على الدقة والتفصيل، وهذا يعني كلما كبرت منطقة
الدراسة قلت التفاصيل وشاع التعميم وبالعكس كلما قلت منطقة الدراسة زادت التفاصيل،
وهذا هو المطلوب في الاتجاهات الجغرافية الحديثة.
5- الألفة
بين الطالب وموضوع الدراسة، وهذا يُسهل الدراسة، وتأتي الألفة مع الموضوع إذا كان
الطالب يعمل في نفس الميدان، أي أن يتضمن أهدافاً تخدم مجال التخصص، أو يسكن نفس المنطقة التي يجري عليها البحث.
6- موافقة المشرف
بالطبع لا يمكن تسجيل موضوع البحث إلا بعد موافقة المشرف، غير أنه يجب أن يكون
واضحاً في ذهن الطالب أن المشرف غير مُكلف بالبحث عن موضوع لبحث الطالب، وهنا يكون
دور المشرف أن يوافق عليه أو أن يُعدل فيه قليلاً أو كثيراً، أو يرفضه لعدم
صلاحيته، فإذا رفضه المشرف فعلي الطالب أن يبحث عن موضوع آخر.
ولغرض
التوصل إلى اختيار موضوع البحث بشكل سليم يتبع الباحث الخطوات التالية:
1-
الاطلاع على المؤلفات والدراسات التي تتعلق بتخصصه للتعرف على الجوانب التي تم
تناولها في تلك المصادر، والمشاكل التي واجهت الباحثين سابقاً والجوانب الغامضة
والجوانب التي تباينت فيها الآراء والفقرات التي تتطلب دراسة معمقة، ويمكن أن
يستنبط الباحث من خلال الدراسات الموضوع المناسب الذي لم يتم التوسع فيه ويحتاج
إلى دراسة شاملة بمنهجية وأسلوب مختلف عما ورد في المصادر التي تم الرجوع إليها.
2-
قراءة المجلات العلمية المتخصصة التي تضم بحوث متنوعة في التخصصات الدقيقة والتي
تحمل أفكاراً جديدة وأساليب حديثة تغني الباحث بمعلومات واسعة تساعده في اختيار
الموضوع المناسب، مثل مجلات الجمعيات الجغرافية أو مجلات الجامعات أو الكليات،
والاطلاع على ما ينشر من مقالات علمية في مجال التخصص في بعض الصحف والمجلات، كل
ذلك يسهم في اختيار الموضوع وفق أسس سليمة.
3- متابعة مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه للوقوف على الجوانب
التي تم التطرق إليها في موضوع البحث وتحديد جوانب الضعف والقوة فيها حسب طبيعة
المناقشة لغرض التأكيد على جوانب القوة وتجنب مواقع الضعف، فضلاً عن بلورة بعض
الأفكار التي لم تكن في ذهن الباحث والتي يمكن الاستفادة منها حاضراً أو مستقلاً.
4- مناقشة الموضوع مع الآخرين وخاصة من ذوي الاختصاص والخبرة
الطويلة، ويفضل من لهم كتابات واسعة في مجال البحث، ولكن على الباحث أن يكون حذراً
من الوقوع في متاهات اختلاف وجهات النظر، فربما يطرح أحد الذين تمت استشارتهم
موضوعاً معينناً وتتم مناقشة كل جوانب الموضوع وبشكل منطقي، وعندما يلتقي الباحث
بشخص آخر يعترض على الموضوع ولكن دون أن يعطي مبررات، ففي مثل هذه الحالة يجب على
الباحث أن يكون حذراً من هؤلاء لأن اعتراضه لم يكن بمحله لعدم إعطاء المبرر أو
البديل، إما إذا قدم مبررات واقتنع بها الباحث ووجدها صائبة ومنطقية يأخذ بها.
5- حضور الندوات والمؤتمرات العلمية، والتي تطرح فيها مواضيع
متنوعة تصب في اتجاه والحد هو محور الندوة أو المؤتمر وتحمل أفكارا حديثة وتطبيقية
يمكن أن يستفاد منها الباحث ويوظف بعضها في موضوع بحثه، كما يمكن أن يطرح موضوعه
على بعض المشاركين القادمين من مناطق أو دول أخرى ومن ذوي الخبرة والاختصاص، ويمكن
أن يقدم له المشورة في بلورة موضوع بحث جيد وحديث.
6- الاطلاع على ملخصات البحوث السابقة التي تخص موضوع البحث، ففي
بعض الأحيان يكون موضوع البحث مطروقاً في مكان آخر أو دولة أخرى فعلى الباحث أن
يطلع على تلك البحوث أو ملخصاتها للتعرف على المنهجية والأسلوب المتبع في إعداد
تلك البحوث لغرض تجنب التقليد ومحاولة إيجاد منهجية جديدة ربما تجمع بين المنهجيات
المطروحة أو بشكل مغاير وهذا ما يميز شخصية الباحث، فإذا كان مقلداً يعني أنه ضعيف
الإدراك وإذا كان مختلفاً يعني أنه مبدعا.
وإذا
لم يقدم الباحث على مثل تلك الخطوات سيكون اختياره للموضوع غير موفقاً وتكتنفه
الكثير من المعوقات، ويطول به الزمن وهو يبحث عن موضوع وبدون جدوى.
وهناك
أمور مرفوضة عند اختيار موضوع البحث:
1-
يجب ألاّ يُـفرض الموضوع علي الطالب من قبل الأستاذ، وإنما الأفضل أن ينبع الموضوع
من الطالب نفسه.
2-
عدم السير علي نفس الخط الذي سار عليه غالبية من سبقوه فكثير من الطلاب يختار
فرعاً يسميه سهلاً، ويأتي الآخرون وينتهجون نفس النهج غير أن مزايا هذا
الاتجاه مزايا مؤقتة أو للمكسب السريع، أما علي المدى البعيد فيحسن أن يسعي الطالب
إلى فرع يقل المتخصصون فيه، وهذا يكون أقيم للطالب كما أنه يخدم التخصص وهذا ما
نسميه بصناعة الموضوع.
3-
ألا يَكتب بحثاً قد كُتب فيه، أو قد أشيع دراسته، لأن ذلك يؤدي إلى تكرار
الجهد دون إضافة علمية جديدة.
4- لا يَقدُم الباحث علي اختيار موضوع لا
يتسع مجال التخصص لتغطية عناصره، وليس ثمة نتيجة علمية يتوخاها من ورائه.
5- يُفضل الابتعاد عن الموضوعات التي تقحم الباحث في متاعب تُعيقه
عن انجاز بحثه.
وفي الختام وبعد
الانتهاء من اختيار الموضوع وفقاً للقواعد السابق ذكرها، تبدأ الإجراءات الرسمية
لتسجيل الموضوع فيتقدم الطالب بمشروع بحثه Proposal إلى قسم الجغرافيا للموفقة عليه ويتضمن طلب التسجيل: والذي يشتمل
علي اسم الطالب وعنوانه وعنوان الموضوع باللغتين العربية والانجليزية ثم صفحات
المشروع Proposal
ثانياً:
اختيار عنوان البحث:
بعد اختيار الباحث مجال بحثه العام
والتخصص الذي سيبحث فيه يعمل على صياغة عنوان البحث بما يتناسب والهدف من البحث،
ويجب أن يكون عنواناً واضحاً ودقيقاً ومختصراً ومعبراً عن الهدف، وقد يجهل الكثير
فن صياغة العنوان فيكون عبارة طويلة غير متجانسة الكلمات وغير معبر عن طبيعة موضوع
البحث، فمن الخصائص الأساسية للعنوان أن يكون ما يشبه شطر بين شعر، أي ذات نغمة
رنانة يتذوقها المستمع أو القارئ، وهنالك صيغتان من عناوين البحوث هما:
1-
صيغة العنوان غير المباشر، أو ذات الصفة العمومية، وفي هذا المجال يتكون العنوان
من فقرتين الأولى توضح عامة الموضع والفقرة الثانية صلب الموضوع، مثال على ذلك أثر
المظاهر والعمليات الجيومورفولوجية على التوسع العمراني، مدينة عمان دراسة
تطبيقية، هنا العنوان ينقسم إلى قسمين الأول يحمل صفة العمومية وهو أثر المظاهر
والعمليات الجيومورفولوجية على التوسع العمراني بشكل عام وهذا ما يجب أن يتناوله
الباحث، أما الشطر الثاني فيشمل منطقة دراسة محددة وهي مدينة عمان، حيث يقوم
الباحث بتطبيق العوامل التي تناولها في الجزء الأول من العنوان على تلك المنطقة،
وستكون خطة البحث أيضاً منسجمة مع العنوان وسيتم تناول ذلك لاحقاً.
2-
صيغة العنوان المباشر، في هذا السياق يكون العنوان فقرة واحدة، مثل أثر المظاهر والعمليات
الجيومورفولوجية على التوسع العمراني في مدينة عمان، الموضوع السابق نفسه
إلا أن صيغة العنوان تغيرت وأصبحت فقرة واحدة بدل الفقرتين، والصيغة هنا واضحة تخص
مدينة عمان وأن خطة البحث ستكون أكثر تركيزا من السابقة وأقل شمولية، ولا يحتاج
الباحث إلى استعراض المظاهر والعمليات ومن ثم تطبيقها على عمان بل يتم تطبيقها على
منطقة الدراسة مباشرة.
وعلى
الباحث عند اختيار العنوان أن يراعي الجوانب الآتية:
1- لا بد أن يؤدي البحث الوظيفة الإعلامية (يكون له مكانة أو
صدى إعلامي) نابع من أهميته.
2- أن يعبر العنوان عن هدف ومشكلة البحث بشكل دقيق وواضح.
3- مراعاة التنسيق والاختصار في كتابة عنوان البحث، وألا
يحتمل أكثر من معني.
4- الابتعاد عن استخدام الكلمات الدخيلة على الجغرافيا وغير
الأصلية من الناحية اللغوية والعلمية.
5- أن تكون الكلمات الأساسية في بداية العنوان.
6- الكلمات والتراكيب السهلة بعيدة عن السجع.
7- ألا يكون به خللاً عقائدياً أو شرعياً.
8- ألا يكون عنوان فصل.
9- الابتعاد عما يخدش الرأي العام، أو الوجهات السياسية حتى
لا يُحكم علي البحث بالفشل.
10- عدم استخدام المصطلحات غير الحقيقية والمتداولة بشكل
خاطئ في العلوم الجغرافية دون الانتباه لها، وهنا يجب الإشارة إلى أن يكون الباحث
العلمي قيادي لا تقليدي يكتب ما يجده في الكتب، كل إنسان معرض للخطأ وعلينا أن
نصحح ما نجده غير صحيح بدل الاستمرار عليه، على سبيل المثال عنوان أحد البحوث
استخدام الأساليب الرياضية (المورفومترية) في دراسة أودية منطقة ما دراسة
جيومورفومترية ، حيث وضع المصطلح العلمي الصحيح بين قوسين وهو المورفومترية والذي
يعني في الدراسات الجيومورفولوجية استخدام الأساليب الإحصائية وأجهزة القياس في
الدراسات الجيومورفولوجية، ويمكن أن تكون صيغة العنوان الصحيحة الأودية في المنطقة
المحددة دراسة جيومورفومترية، أو الخصائص الجيومورفومترية للأودية الواقعة بين
....، وهذا يعني استخدام الأجهزة والمعدات والأساليب الإحصائية والرياضية والوصفية
في دراسة الأودية في تلك المنطقة.
مثال
آخر استخدام الصور الجوية والاستشعار عن بعد في دراسة مدينة بغداد، اختيار العنوان
يدل على أن من اختاره لم تكن لديه دراية أو معرفة بأن الصور الجوية هي جزء من
الاستشعار عن بعد، أي وقع في الخطأ من البداية، وهنا لا يتحمل مسؤوليته الباحث فقط
بل اللجنة العلمية هي الأخرى مسئولة عن صيغة العنوان، وإذا ما ظهرت مثل تلك العناوين
سنكون أما شيء اسمه كارثة علمية ويعني الجهل يعم الباحث واللجنة العلمية والمشرف،
وهذا ما تعاني منه الدول النامية عامة والعربية خاصة.
ثالثاً:
تحديد منطقة الدراسة:
بعد اختيار موضوع الدراسة وعنوان البحث
لابد من تحديد المنطقة التي تتم دراستها وبشكل دقيق سواء كانت المنطقة ظاهرة طبيعية
أم بشرية، ويكون التحديد فلكياً حسب خطوط الطول ودوائر العرض، وجغرافياً حسب موقع
الظاهرة بالنسبة للظواهر المحيطة بها سواء كانت طبيعية أو بشرية، وتحديد مواقع تلك
الظواهر من حيث الاتجاه والمسافة بينهما، وقد تكون حدود تلك المنطقة مشتركة طبيعية
وبشرية، مثل الموقع قرب بحر أو نهر أو جبل، أو مدينة أو طريق سريع أو سكة قطار أو
مصنع وغيرها من المظاهر الأخرى، أو تحدد المنطقة وفق حدود إدارية أو بلدية أو
سياسية، المهم في الأمر أن يكونا الباحث دقيقاً في تحديد منطقة دراسته ووفق أسس
علمية وواقعية، وقد يقع البعض في مشكلة عند تحديد المنطقة عندما لا توجد معالم
واضحة يمكن اعتمادها، ربما يضطر الباحث إلى اللجوء إلى أسلوب المساحة بشكل دقيق أو
الموقع الفلكي أو الموقع العام، المحلي أو الإقليمي، وهذا آخر ما يلجأ إليه الباحث
رغم دقته.
وقبل كل شيء يقوم الباحث بتوفير خرائط
لتلك المنطقة وصور جوية وفضائية إن توفرت لكي يكون تحديد تلك المنطقة دقيقاً،
ويمكن استخدام GPS
(نظام المواقع العالمي) في تحديد الموقع حيث يوضح النظام الموقع الفلكي بدقة
والارتفاع عن مستوى البحر، كما يمكن تحديدها بواسطة الاستشعار عن بعد (صور جوية وفضائية)،
فضلاً عن الخرائط الطبوغرافية المتعلقة بمنطقة الدراسة.
وقد يكون تحديد الموقع الجغرافي حسب نوعية
البحث وأهميته، ففي أغلب الأحيان يتم تحديده بالنسبة للدولة كما يحدد بالنسبة
للإقليم، أي الموقع بالنسبة للكل وهي الدولة وبالنسبة للجزء ويعني الإقليم.
رابعاً:
أهداف الدراسة:
أن تحديد هدف الدراسة هو الإجابة على سؤال
يطرح نفسه على الباحث ماذا تريد أن تدرس في بحثك؟ وما هو سبب اختيارك هذا الموضوع؟
وهدف الدراسة يجب أن يكون واضحاً ومن صياغة عنوان البحث، كما تكون خطة البحث
متعلقة بالهدف، أي هنالك ترابط وثيق بين كل تلك العناصر، ففي المثال السابق أثر
المظاهر والعمليات الجيومورفولجية على التوسع العمراني في مدينة عمان، يظهر من
العنوان أن المدينة تواجه مشاكل في نموها العمراني مما جعلها غير متجانسة
عمرانياً، وهدف البحث هو:
1- دراسة المظاهر والعمليات التي تقف وراء ذلك.
2- تحديد
بعض المخاطر القائمة والمحتلمة التي تتعرض لها بعض مناطق التوسع في المدينة.
3- توضيح الإجراءات
التي يمكن اتخاذها للحد من تلك المخاطر.
وبذلك يكون البحث من
البحوث التطبيقية التي يستفاد منها في المجالات العملية.
مثال آخر كفاءة توزيع الخدمات التعليمية
في مدينة الرمادي.
يهدف البحث إلى:
1- دراسة طبيعة توزيع الخدمات التعليمية في تلك المدينة.
2- معرفة مدى تطابق الخدمات التعليمية مع توزيع السكان
وكثافتهم ولكل المراحل الدراسية.
3- معرفة
المشاكل التي تعاني منها الخدمات التعليمية في المدينة.
وهذا البحث تطبيقي تكون له
أهمية لتحسين كفاءة أداء تلك الخدمات بما يكفل توفيرها لكافة السكان وبشكل متساوي.
وقد تحقق مجموعة أهداف في بعض الدراسات
يستطيع الباحث أن يدونها على شكل نقاط متسلسلة على أن تكون تلك الأهداف واقعية
ومنطقية بعيداً عن المبالغة.
أمور يجب مُراعتها عند صياغة الأهداف:
أ- يجب أن يكون الهدف معرفي منطقي واقعي يقبل الدراسة
والقياس والتطبيق بعيداً عن الخيال.
ب- يجب أن يصل بنا إلى النتائج المرجوة في حل المشكلة.
ج- يجب ألا يكون عنوان الدراسة هدف.
د- تجنب تكرار الأهداف.
ه- ترتيب الأهداف بشكل منطقي حسب فصول الدراسة. ويتم
معالجتها على عدة مستويات:
المستوي الأول: أهمية الموضوع للباحث والذي
يخدمه في مجال عمله.
مثال ( لو كان الباحث يعمل في وزارة الإسكان يفضل أن يدرس
الطالب موضوعاً في مجال الإسكان أو العمران0
مثال (لو كان الباحث يعمل في وزارة البيئة يفضل أن يدرس الطالب
موضوعاً في مجال البيئة)
المستوي الثاني :مستوى الدولة.
أي أن الموضوع يخدم الدولة كأن يتناول الطالب موضوعاً بعنوان
مشكلة الإسكان في منطقة معينة. المستوي الثالث: المستوي العلمي أي أن
الموضوع سيشكل إضافةً نوعيةً إلى العلم والمكتبة0
المستوي الرابع: المستوي العالمي قد
يكون للموضوع صدي وأهمية تخدم البشرية وليس شرطاً تغطية كل هذه الجوانب في
الأهمية.
خامساً:
أهمية البحث:
يحدد الباحث أهمية بحثه ومدى الاستفادة
منه سواء في المجال النظري أو التطبيقي، وكلما كان البحث ذا صفة تطبيقية ولها
علاقة بحياة الناس وسلوكهم تزداد أهميته ويكون أكثر تداولاً بين الناس عامة
والباحثين خاصة، وهذا ما يجب أن يفكر به الباحث منذ البداية أن يختار من البحوث
المتميزة والحديثة والنادرة ويبتعد عن البيانات المكررة والمتداولة، أو قديمة لا
قيمة لها وبالتالي يكون البحث لا قيمة ولا أهمية له.
وفي هذا المجال يوضح الباحث مدى الاستفادة
من البحث سواء كان في تطبيق أساليب ومنهجيات في مجال البحث العلمي ، مثل استخدام
برامجيات أو نظم أو قوانين إحصائية أو تقنيات حديثة في إعداد البحث، أو استخدام
تطبيقات في مجال الحياة اليومية تتعلق بالإنسان ونشاطاته مثل استخدام نظم
المعلومات الجغرافية في المجالات المختلفة، أو دراسة أنشطة معينة يمارسها الإنسان
فيتم تشخيص المشاكل والمعوقات التي تعاني منها والحلول اللازمة لمواجهتها.
ويقوم الباحث بتوضيح تلك الأهمية وتحديد
المجالات التي يمكن أن تُستفاد من المعلومات التي يتم التوصل إليها.
ففي الأمثلة السابقة تكن أهمية البحث في
دراسة عمان في التعرف على المشاكل الطوبوغرافية والعمرانية والتخطيطية التي تعاني
منها مدينة عمان والتي يمكن للجهات المسئولة أن تأخذ بتلك الدراسة وتستفيد من
النتائج التي توصل إليها الباحث والمقترحات والتوصيات، والتي قد تكون ذات أهمية
كبيرة في تجاوز بعض المشاكل في التخطيط المستقبلي، أو معالجة بعض المشاكل القائمة.
أما في المثال الثاني الخاص بمدينة
الرمادي فتكمن أهمية البحث في استفادة الجهات المسئولة من النتائج التي توصل إليها
الباحث، والتي تتضمن المشاكل التي تعاني منها خدمات التعليم وبشكل متباين ضمن
أحياء المدينة، فضلاً عن مشاكل التعليم عامة، حيث توجد معايير مساحية ومسافية
واستيعابية أو عددية يجب مراعاتها في توفير الخدمات التعليمية، فالباحث سوف يوضح
مدى تطابق تلك المعايير مع الواقع التعليمي في المدينة، ويمكن للجهات المسئولة أن
تعالج المشاكل التي تم التوصل إليها في البحث سواء القائمة منها أو تجاوزها في
المستقبل.
سادساً: أسباب اختيار الموضوع:
يجب أن نفرق بين أهداف الدراسة وأسباب اختيار
الموضوع.
لماذا اخترت هذا
الموضوع بالذات أي ما هي مبررات اختيار الموضوع سواءً اختيار موضوع البحث أو منطقة
الدراسة.
هل شعر الباحث بوجودها مباشرة من خلال خبرته وعمله .ام شعر
بها من خلال ملاحظاته المباشرة
سابعاً:
مشكلة البحث:
أن تحديد مشكلة البحث من العناصر المهمة
في خطوات البحث العمراني، ومشكلة البحث تتعلق بطبيعته، حيث يتضمن مشكلة معينة يهدف
إلى حلها، ويظهر ذلك من صيغة العنوان، وتعد البحوث الوصفية أكثر حاجة إلى تحديد
المشكلة من البحوث التطبيقية، ويجب أن تضم المشكلة الجغرافية أدوات استفسار مثل
كيف، لماذا، أين، ويحاول الباحث الجغرافي التحري عن جذور المشكلة ولكنه قد لا
يتوصل إلى ذلك لأنها تحتاج إلى دراسة متعمقة تشمل عناصر عدة وكل عنصر يحتاج إلى
تحليل معمق، وربما ضعف قدرة الطالب على التحليل أو صعوبة الحصول على بيانات كافية
تغطي كل العناصر تكون سبب في عدم التوصل إلى النتائج المطلوبة، على سبيل المثال
التلوث في مدينة بغداد يعني هنالك مشكلة تلوث في مدينة بغداد تحتاج إلى البحث عن
أسبابها، لماذا هذا التلوث، ومثال آخر تدني إنتاجية الأرض الزراعية، هنالك مشكلة
وهي قلة الإنتاج، ما هي أسباب ذلك، حيث توجد عوامل طبيعية وبشرية يتحرى عنها
الباحث بشكل دقيق للتعرف عليها لغرض وضع الحلول المناسبة لها.
إن التوصل إلى النتائج المرضية يعتمد على
قدرة الباحث وخبرته ومهارته، واستخدام الوسائل والتقنيات الحديثة في التحليل.
وقد تظهر الحاجة إلى البحث في مجال ما
عندما لا تتوفر معلومات كافية لمعالجة مشكلة معينة في هذا المجال، وتكون تلك
المشكلة محور البحث، أي تؤثر في كل مداخله ومحاوره اللاحقة، وخاصة في البحوث غير
التطبيقية، وربما لا يتوصل الباحث إلى نتائج دقيقة بسبب عدم صياغة تلك المشكلة
بشكل دقيق، والتي يجب أن تكون وفق الأسس الآتية:
1- تحديد المشكلة وفق
أسس علمية وصحيحة.
2- صياغة المشكلة في
إطار قابل للبحث والتوصل إلى نتائج.
3- فحص المشكلة بعمق في المعرفة المتاحة.
4- أن يساهم علاج المشكلة في تحقيق تطور كبير
في مجال المعرفة العلمية من خلال ما يستخدمه الباحث من تقنيات في مجال التحليل.
5- ربط المشكلة منطقياً بالبيئة التي نشأت
فيها والتي ستساهم في علاج المشكلة.
6- أن تعبر المشكلة عن علاقة بين متغيرين أو
أكثر، وتطرح أسئلة مثلاً هل أ مرتبط مع ب د ، كيف ترتبط أ، ب مع ج د.
7- أن تصاغ المشكلة على شكل سؤال، فبدل القول
أن المشكلة هي.... أو الغرض من البحث هو.... يتم طرح سؤال، بحيث تعبر صيغة تلك
الأسئلة عن طبيعة المشكلة بشكل مباشر.
8- تكون صياغة المشكلة من النوع الذي يسهم في
القيام باختبارات تجريبية، وإذا لم تبحث المشكلة تجريبياً لا تعد مشكلة علمية، وقد
لا تكن المشكلة نتيجة علاقات بين متغيرات بل متغيرات يمكن قياسها بصورة مستقلة،
وهذا يعني أن مشكلة الكثير من البحوث هي غير علمية لأنها لا تحتاج إلى تجربة أو
اختبار.
مصادر الإحساس بالمشكلة
-
يتفاوت عامة الناس في إدراك بعض الجوانب
التي تمثل ظاهرة نستحق الدراسة والنظر فمنهم من تمر الظاهرة فلا تسترعي انتباهه
ويراها شيئا عاديا مألوفاً ، ومنهم من تكون لديه حساسية خاصة ينبه بها إلى
المشكلات وتكون لديه قدرة ناقدة في الوقوف عليها وتقدير حاجتها إلى الدراسة ، فكيف
تتكون هذه الحساسية.
-
الاستعداد الشخصي (الموهبة – التيقظ
الواعي – الإدراك – العقلية الناقدة)
-
التخصص: أن يتخصص المرء في مجال من
المجالات يجعله أكثر إلماماً بجوانب هذا التخصص والقضايا التي تحتج فيه إلى دراسة أو
إعادة دراسة أو تحتاج إلى استيعاب أو تكملة أو توضيح (أهل مكة أدري بشعابها) (هو
أعرف بشمس أرضه) فكلما كان الباحث متمكناً في تخصصه ملماً بمصادره ومراجعه متصفاً
بعمق الثقافة وسعة الاطلاع وشمول الخبرة كان الأقدر علي تحديد المشكلات.
أمور يجب مراعاتها عند اختيار مشكلة البحث
1- حداثة المشكلة:أي
تتصف بالأصالة والابتكار ولم يسبق دراستها وحداثة البيانات والأساليب والأدوات
المستخدمة في الدراسة.
2- أهمية المشكلة وقيمتها العلمية:
هل تضيف نتائج بحث هذه المشكلة شيئاً جديداً إلى المعرفة
العلمية.
هل تتميز بشيء جديد لا يجعلها صورة مكررة لبحوث سابقة.
3- اهتمام الباحث بالمشكلة:
أن ينبع الاهتمام من
الميل الحقيقي في النفس والرغبة الأكيدة في البحث ، والإقناع بأهمية الدراسة
والحاجة إليها في تذليل صعوبات قائمة، لا أن يكون مجرد رغبة في الظهور أو الحصول
علي الدرجة العلمية للمباهاة والتفاخر.
4- القدرة علي بحث المشكلة:
تشمل هذه القدرة (الخبرة ،والمعرفة،والمهارة ،والدراسة)
5- توافر البيانات ومصادرها:
فلا تختار موضوعا لا
تتوفر عنه بيانات أو تنعدم المصادر التي تعالجه أو يكون الوصول إليه مستحيلاً، أو
يحيط بموضوع البحث حساسية تعوق استكماله أو تنفيذه.
صياغة المشكلة:
تُصاغ
المشكلة بعبارة لفظية تقريرية:
مثلاً: بحث العلاقة بين
متغيرين مثل علاقة السكن بمرض لين العظام. وتصاغ علي النحو التالي:
(خصائص المسكن وعلاقته بانتشار مرض لين العظام في مدينة
غزة).
تصاغ في
صورة سؤال.
تعني أن جواب السؤال هو الغرض من البحث العلمي.
ما هي أراء اللاجئين نحو إعادة بناء مخيمات اللاجئين.
ما أثر الزحف العمراني علي الزراعة في محافظة الشمال بقطاع
غزة.
طريقة البدائل:
يوضع سؤال ينبثق من
حقيقة واحدة تتبعه مجموعة من البدائل المرشحة لاختيار أحدها جواباً عن السؤال
لأصلي ، ولهذا يجب أن تكون البدائل عند طرح الأول متساوية الدلالة ، لا يظهر علي إحداها
الضعف أو الشك وتظل هذه البدائل مجالاً للدراسة والموازنة والنظر حتى يثبت جدوى
أحدها وبطلان سواه.
هل ترجع مشكلة السكن إلى ؟
1- الزيادة السكانية.
2- الظروف الاقتصادية.
3 الظروف الاجتماعية.
4- الاحتلال.
5- عدم التخطيط.
أن تكون البدائل كلها قابلة للقياس.
مجموعة من الأسئلة:
- يحتاج الباحث إلى
صياغة المشكلة بمجموعة من الأسئلة، وهذا النمط أكثر الأنماط استخداماً وتداولاً
وأدقها في التناول والصياغة والتحديد وأكثر الباحثين يضعون هذه الأسئلة تحت عنوان
” تساؤلات البحث ”أو ” أسئلة البحث ”
- قد يصل عدد الأسئلة إلى عشرة أو أكثر.
• العبارة
المتبوعة بأسئلة:
• ربما صيغت
مشكلة البحث بعبارة تقريرية ثم اتبعت بمجموعة من الأسئلة .
• السؤال
المتبوع بأسئلة توضيحية:
• تأتي مشكلة
البحث في صورة سؤال عام ثم يتبع بمجموعة من الأسئلة الجزئية التوضيحية التي كانت
ضمناً في السؤال العام.
• يتم التحدث بشكل مباشر عن المشكلة وسرد الحقائق
والوقائع المتعلقة بها ثم تطرح مجموعة من الأسئلة ترتبط بأهداف الدراسة وفصولها.
• عند طرح
المشكلة نبدأ مباشرة مع التسلسل التاريخي للمشكلة أي نبدأ بالمشكلة منذ بداية
نشأتها ثم النتائج المترتبة عليها مثال:
• بداية المشكلة السكنية كانت عام 1948 ثم تفاقمت
بعد عام 1967 مما أدى لتناقص مساحات الأراضي وأصبحت مساكن المهاجرين في المخيمات
أقل من نوعها بعد التهجير وانعكست هذه الأزمة على شتى المناحي السياسية و
الاقتصادية والاجتماعية.
العلاقة
بين الظاهرة والمشكلة:
1- مفهوم الظاهرة:
الظاهرة
هي حقيقة يلاحظ الشخص وجودها، وربما تعكس بعض الظواهر وضعاً غير مألوف أو غير عادي
أو مخالف للواقع سواء كان سلباً أم إيجاباً، أو ما يحدث من تغيرات في ظاهرة معينة
طبيعية أم بشرية بشكل ملفت للنظر ويحتاج إلى دراسة، مثل الظواهر المناخية غير
المألوفة مثل ظاهرة النينو، أو تركز التعرية في موضع دون غيره في أحد ضفاف النهر
أو شاطئ بحر.
2- حدود الظاهرة
الزمنية ومعدلاتها:
تتباين
الحدود الزمنية حسب طبيعة الظاهرة أو طبيعة الموضوع الذي ترتبط به وظروفه، وقد
تحدث الظاهرة مرة واحدة ولم تتكرر أو تحدث بشكل متكرر ولكن بشكل غير منتظم في
فترة حدوثها ، مثل الفيضانات والتغيرات
المناخية والكوارث الطبيعية، وربما تكن محددة بفترة زمنية معينة مثل تطور العمران
وتطور الخدمات وتطور استعمالات الأرض.
3- الظاهرة والمشكلة:
تعد
الظاهرة هي النتيجة التي تسبب في وجودها المشكلة الواجب البحث عنها، وهذا يعني
وجود علاقة سببية بين الظاهرة والمشكلة ويكون البحث موجهاً نحو معرفة المشكلة
(كسبب للنتيجة وهي الظاهرة) والمشكلة قد تكون واحداً أو أكثر من الأسباب المحتلمة
لحدوث الظاهرة، مثل ظاهرة التلوث لابد من وجود مشكلة سببت التلوث، أو ملوحة التربة،
وجود مشكلة هي تملح التربة، أي تكون العلاقة بين السبب والنتيجة شديدة، ومن هنا
يجب على الباحث أن يبحث في كيفية تحديد المشكلة البحثية.
4- معالجة الظاهرة
والمشكلة:
أن
حدوث الظاهرة نتيجة لسبب ولغرض التخلص من الظاهرة لابد من معالجة السبب أو المشكلة
لضمان عدم تكرار حدوثها، أي عدم التركيز على معالجة الظاهرة وحدها لأن ذلك لا يعني
معالجة المشكلة، ففي حالة عدم معالجة أسباب الظاهرة يعني استمرارها، وما تم من
معالجات هو فقط للتخلص من آثارها، على سبيل المثال ارتفاع مناسيب المياه الجوفية،
لمعالجة ذلك حفل قنوات تنقل المياه بعيداً عن المنطقة، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة، ويجب التحري عن مصدر
تلك المياه ومعالجته، وقد يكون كسر أنبوب أو ارتفاع مناسيب مياه النهر أو ارتفاع
قاع النهر بسبب الرواسب، أو ارتفاع مناسيب مياه البحيرة، مثال آخر انخفاض إنتاجية التربة، وتستخدم
الأسمدة لغرض زيادة الإنتاجية دون التحري عن الأسباب الحقيقية لذلك والتي قد تعود
إلى إنهاك التربة بكثرة زراعتها أو ملوحة المياه أو سوء الري أو بسبب المناخ
وغيرها من الأسباب، إن مثل تلك الحلول ترقيعية وغير جذرية لذا تبقى المشكلة قائمة،
وعليه يجب على الباحث أن يركز على التحري عن الأسباب الحقيقية وعدم الاكتفاء بعرض
الظاهرة والمخاطر الناتجة عنها.
5- ملاحظة الظاهرة
ومعالجة المشكلة:
تعد
ملاحظة الظواهر عملية سهلة وبسيطة، ويمكن أن يقوم بها أي فرد، عندما تتوقف السيارة
عن العمل هذا يعني وجود خلل؟ ما هذا الخلل، إنه يحتاج إلى تشخيص، وهذا التشخيص
يحتاج إلى خبرة، وعند التشخيص يسهل العلاج، وعليه عندما تحدد أسباب حدوث ظاهرة ما
فيمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها، وهذا يعني لكل ظاهرة أسباب، وجود الجبال
على سطح الأرض لأسباب إلتوائية أو إنكسارية أو تعرية، تراجع الشواطئ البحرية يعود
لأسباب قد تكون واضحة أو غير واضحة.
6- تعدد مراحل ربط
الظاهرة بالمشكلة:
يرتبط حدوث بعض الظواهر بعدة أسباب وبشكل
متتالي، وكل سبب له أثر معين في فترة معينة، يحتاج ذلك إلى تحليل الأسباب المحتملة
التي أسهمت في حدوث الظاهرة والتي يمكن من خلالها التوصل إلى الأسباب الرئيسية
للمشكلة، وهذا يعني وجود تراكم في الأسباب يجب البحث عنها وتحديدها، ويعني ذلك أنه
كلما تم الكشف عن مشكلة يعني إنها تمثل ظاهرة لمشكلة أخرى.
ثامناً:
فرضيات البحث:
الفرضية: هي تخمين ذكي من قبل الباحث للتعرف على أسباب
المشكلة ونتائجها أي النتائج التي يمكن أن تنتج عن هذه المشكلة كما يمكن من خلال
الفرضيات وضع الحلول لهذه المشكلات.
ملاحظة: يجب أن لا تكون الفرضية من المسلمات.
تُعد عملية صياغة فرضيات البحث من المهام
الأساسية التي يجب أن يؤكد عليها الباحث لتكون دليل عمل بحثه في مراحل البحث
اللاحقة، والتي تصب في تحقيق هدف الدراسة، وتمثل صياغة الفرضيات اختبار لمدى تصور
الباحث لما يمكن أن يتوصل إليه من نتائج، حيث تعبر تلك الفرضيات عن الصورة
الواقعية والحقيقية لمشكلة الباحث، لوضع حلول لتلك المشكلة، وتكون تلك الحلول
تصورية وخيالية يعتقد الباحث أنها مناسبة لحل المشاكل، وقد تكون الفرضيات في بعض
الأحيان محاولة لقياس علاقة بين متغيرين أو أكثر، أي أنها تعبر عن فكرة في ذهن
الباحث، والتي يتم التأكد من مدى صحتها بعد جمع البيانات وتحليلها، لذا يقوم
الباحث بوضع عدة فرضيات ويحاول برهنة صحتها أو عدم صحة بعضها، وهذا لا يعني فشل
الباحث بل يؤكد علميته لأنه توصل إلى نتائج لم يكن يتوقعها وبذلك اقتنع بالأمر
الواقع، ولغرض الدقة في وضع الفرضيات يفضل مراعاة ما يأتي:
1-
أن تكون الفرضيات بسيطة وواضحة المعنى ومحددة في مجال هدف البحث، حيث لا يقع
الباحث في متاهات هو في غنى عنها وربما تؤدي به إلى طرق مسدودة، لأنها لا تتعلق
بمحتوى البحث الأساسي.
2-
أن تكون الفرضيات على شكل فقرات متعددة تضم قضايا محددة يتوقعها الباحث.
3- أن تكون الفرضيات منسجمة مع قواعد وقوانين البحث العلمي.
4- توضع الفرضيات لإثبات
حقائق يتصورها أو يتوقعها الباحث، ولا تكن لإثبات حقائق واقعية ومعلومة،
وفي هذه الحالة لا قيمة لتلك الفرضية.
5- تكون الفرضية غير مبالغ بها لكي تعبر عن الواقع ، وقد يصعب على
الباحث إثباتها إذا كانت غير واقعية.
6- عدم استخدام المصطلحات الفلسفية في صياغة الفرضيات مما يزيد من
تعقيدها وعدم القدرة على برهنتها.
7- أن تهدف الفرضية إلى كشف علاقة بين متغيرين أو ظاهرتين غير
واضحتين أو معروفة قبل تحليل البيانات.
8- تكون الفرضيات من استنتاج الباحث، ويقوم باستنباطها من موضوع
البحث وعنوانه وهدفه، ولإثبات حقائق متوقعة يتصورها الباحث.
ويتم وضع الفروض بناءاً على خبرات سابقة مثال:
عاد مواطن إلى منزله
فوجد الحديقة مكسرة فخمن عدة فرضيات لمعرفة سبب تدمير الحديقة علي النحو التالي:
1- أن ابن الجيران قام بتكسير الحديقة .
2- أن المنطقة تعرضت لعاصفة أو اجتياح.
ثم يبدأ باختبار هذه الفروض فمثلاً في الحالة الأولى ينظر
إلى الحدائق المجاورة إذا وجدها هي أيضاً مكسرة يستبعد الفرض الأول " فرضية
ابن الجيران".
نبدأ في اختبار الفروض
في الحالة الأولى خرجنا خارج الجامعة فوجدنا التيار موجود ولكن لا يوجد في الجامعة
وبالتالي نستبعد الفرض الأول. أما الثاني فنجد أن هناك مباني في الجامعة بها
كهرباء فنستبعد الفرض الثاني فنجد أن هناك غرف في المبنى بها ضوء فيستبعد وقد يكون
الفرض الرابع حيث نجد الخلل في خط تزويد الغرفة.
عندما تنفي بعض
الفروض فإننا نقترب من فروض أخرى. مثال انقطاع التيار داخل غرفة الفصل فان
الاحتمالات كالتالي:
1. البلدية قامت بقطع التيار.
2. خلل في المبنى.
3. خلل في خط تزويد الغرفة.
أن
عدم إثبات صحة بعض الفرضيات لأسباب عدة منها ارتباط تلك الفرضية بمتغيرات أخرى تقع
خارج حدود البحث، ويشير الباحث إلى أسباب عدم إمكانية برهنتها، ويُعد ذلك منطقاً
علمياً سليماً، وقد يسبب إثباتها مشاكل للباحث لأنه يضطر إلى تناول جوانب غير مهمة
وأساسية في البحث.
أن
تعبر الفرضيات عن العلاقة بين مشكلة البحث والحلول العلمية والعملية التي يتوقع
الباحث التوصل إليها عند تحليل البيانات المتعلقة بمحتوى البحث.
وتكون
الفرضيات لإثبات حقائق تبين مدى صحة المشكلة التي حددها الباحث، وقد يتضح للباحث
حقائق أخرى غير متوقعة، مما تجعله يجري تعديلاً على فقرات البحث بما يتلاءم
والنتائج التي توصل إليها.
منقول لتعم الفائدة
1 comments
Good
إرسال تعليق