إن الأرض أرضُنا تعاني الحُمى، و تشتكي أهلها فيزيدونها علة و هواناً
لقد خلق البارئ عز وجل كوكب الأرض و ما حوله وفق معادلة دقيقة جداً، و اختلال هذه المعادلة يعني الكوارث و الأخطار فما يميز الكرة الأرضية عن الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية هو الغلاف الجوي الذي يحيط بها، و وجود الغلاف الجوي و ثبات مكوناته الطبيعية يتوقف
عليه استمرار الحياة بالشكل المتعارف عليه، و مكونات هذا الغلاف ثابتة منذ فترة طويلة قد تصل إلى عشرات الآلاف من السنين، و هذه المكونات هي عبارة عن النيتروجين بنسبة 78% و الأكسجين بنسبة 21% و الغازات الخاملة كالأرغون و النيون و الهليوم و نسبتها لا تتجاوز 0.9%، و يحتوي الغلاف الجوي على عدد كبير من الغازات الأخرى كثاني أكسيد الكربون و الأوزون و الميثان و أكاسيد الكبريت و الهيدروجين و بخار الماء و هذه الغازات تمثل نسبة بسيطة جداً لا تتجاوز 0.03% لذا يطلق عليها غازات الندرة، و عندما تزيد غازات الندرة عن هذا المعدل فإنها يطلق عليها (الغازات الدفيئة) أو (غازات الصوبا) لأنها تعمل عمل الصوبات الزراعية في حبس الحرارة داخلها، و تنتج هذه الغازات عن الانبعاثات الحرارية الناتجة عن الأنشطة البشرية المختلفة كالمصانع و وسائل النقل و غيرها، و الإشعاع الشمسي الذي يسقط على الكرة الأرضية يعمل على رفع درجات حرارة الأرض بشكل طبيعي و متزن بحيث ينعكس منه نسبة 40% إلى الغلاف الجوي و يبقى منه 60% على سطح الأرض، و هذا الاتزان الحراري يؤدي إلى ثبات معدل درجة حرارة سطح الأرض عند مقدار معين يبلغ في المتوسط 15 مْ و هي الحرارة التي تعيش عليها جميع الكائنات الحية، و إذا زادت الغازات الدفيئة عن معدلاتها الطبيعية فإنها تعمل بمثابة صوبة زجاجية تؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة ناتج عن احتباس كمية الإشعاع الشمسي المذكورة، و يعمل ذلك على عدم استقرار في مُناخ الأرض ينتج عنه كوارث عديدة منها الفيضانات و الأعاصير و الجفاف، بالإضافة إلى ذوبان الجليد في القطب الشمالي الذي يعتبر بمثابة أجهزة تكييف للأرض، فيرتفع منسوب البحار و المحيطات فتغرق مُدناً و دُولاً بأكملها !، و من جانب آخر هناك نظرة تفاؤلية، فعلى الرغم من اتفاق عدد كبير من العلماء على حقيقة سخونة الأرض و احتمال تعرض البشرية بالفعل لأخطار محدقة بسببها، فإن هناك علماء يرون غير ذلك مستندين على حقائق علمية و مؤشرات جدلية لا يمكن تجاهلها فبعض العلماء يرى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض قد يكون جزءاً من دورة مُناخية طبيعية، و لا دخل للإنسان أو الغازات الدفيئة فيها و برهانهم على ذلك مرور الأرض بحالة مماثلة من الدفء العالمي ما قبل الثورة الصناعية أي قبل تنامي أنشطة الإنسان و قبل تلوث الجو بالغازات الدفيئة و مرورها أيضاً بحالة من البرودة خلال السبعينيات من القرن الماضي، رغم استمرار الانبعاثات الغازية و الملوثات خلال تلك الفترة، و يرتكز تفاؤل هذا الفريق على إن مُناخ الكرة الأرضية يتصف بالديناميكية و الحركة و التغير من فترة إلى أخرى.
نقلاً عن المجلة العلمية الكويتية بتصرف
0 comments
إرسال تعليق