| 0 comments ]



أصبحت المخلفات البلاستيكية تشكل مصدر خطورة بيئية 
 وصحية كبيرة في الدول العربية على المديين القريب والبعيد، 
في ظل استمرار تزايد معدلات استخدامها وتصنيعها دون التقيد 
بالمعايير والضوابط البيئية.
وتكمن خطورة المخلفات البلاستيكية في تركيبتها الكيميائية 
التي تحتوي على مواد الكربون والهيدروجين والكلور والنتروجين
 وغيرها، وهذه التركيبة تجعلها غير قابلة للتحلل في التربة وتبقيها

 لفترات طويلة، ما يجعلها خطراً حقيقياً على الإنسان وعلى الحياة
 البرية والبحرية على حد سواء، خاصة إذا علمنا أن حجم ما تنتجه
 الدول العربية سنوياً من مخلفات البلاستيك، يبلغ نحو عشرة ملايين طن.
 ويؤكد واقع الحال أن معدلات استهلاك الأسر لمنتجات البلاستيك في تصاعد مستمر وذلك لحفظ السلع والمنتجات، بما في ذلك المواد الاستهلاكية والخضار، بخلاف عبوات المنظفات بأنواعها والمشروبات الغازية وغيرها, وكل ذلك يتحول إلى مخلفات على درجة عالية من الخطورة.

كما أن هذه المواد البلاستيكية يعاد تصنيعها في كثير من الأحيان بأشكال متنوعة دون مراعاة الاشتراطات والمواصفات البيئية، مما يجعلها تسبب أضراراً بالغة، وخصوصاً للأطفال، في ظل تزايد استخدامها في أغلب المنازل إما على شكل ألعاب للأطفال أو أدوات تستخدم في المطابخ لإعداد المأكولات. ويصل استهلاك الدول العربية من العبوات والأكياس البلاستيكية إلى نحو 50 مليار عبوة سنويا (20ألف طن) يتم إلقائها في المخلفات.

ويفاقم من مشكلة المخلفات البلاستيكية استخدام الأكياس والعبوات البلاستيكية بشكل مفرط في المحلات التجارية والأسواق على نحو واسع في مختلف المدن، وعادة ما تستخدم العبوات البلا



ستيكية لمدة واحدة ثم ترمى، هذا فضلاً عن ضعف الوعي البيئي بخطورة المواد البلاستيكية وعدم تقيد معظم المصنعين بالاشتراطات البيئية، يضاف إلى ذلك غياب أو ضعف تكنولوجيا إدارة المخلفات وإعادة تدويرها في معظم الدول العربية.

وكشفت دراسة بمعهد البحوث والدراسات البيئية بجامعة عين شمس بالقاهرة أن المخلفات البلاستيكية تشكل خطراً على كل من الحياة البرية والبحرية، حيث أن سقوط المخلفات البلاستيكية في البحر بفعل الرياح، يهدد حياة السلاحف النادرة والشعب المرجانية، فالسلاحف تلتهم الأكياس البلاستيكية على أنها قناديل البحر، مما يؤدي إلى موتها. كما أن تراكم هذه المواد على الشعب المرجانية، يعزلها عن المياه ويمنع وصول الأوكسجين إليها فتموت مختنقة، كما يشكل عدم تحلل المواد البلاستيكية خطرا لا يقل شأنا على التربة والمياه والنباتات.

وأشارت الدراسة إلى الخطر المباشر لهذه المواد على صحة الإنسان بالنظر لاستخدام الأكياس والعبوات البلاستيكية في حمل الوجبات الغذائية الساخنة وحفظها بالثلاجات على نحو ملحوظ في البلاد العربية، فالحالة الرقيقة لهذه الأكياس تجعلها تتفاعل في ظل درجات حرارة منخفضة، ما يجعل حمل الأطعمة الساخنة بداخلها خطراً مباشراً على صحة الإنسان. كما أن منتجات البلاستيك تحتوي على مادة الديوكسين Dioxin الكيميائية، التي تسبب مرض السرطان، خاصة سرطان الثدي.

ومادة الديوكسين خطيرة جداً لأنها تسمم خلايا الجسم بشكل خطير. وقد اختبرت عدة سوائل بعد وضعها في عبوات بلاستيكية لفترة زمنية محددة عند درجات حرارة مختلفة، فكانت النتيجة اختلاط المواد السامة بهذه السوائل عندما تتجاوز درجات الحرارة 70 درجة مئوية، وكذا عندما تنخفض درجة الحرارة إلى الصفر، وهو ما يكشف خطورة حفظ الأغذية في منتجات البلاستيك وهي ساخنة أو مجمدة. وتحتوي المنتجات البلاستيكية المستخدمة لحفظ الأغذية على مواد كيماوية تذوب في الغذاء وتسبب أمراضاً في الكبد والرئة ويؤدي استخدام هذه المنتجات إلى وجود متبقيات من مواد التصنيع في دم الإنسان، والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية للإصابة بأخطر الأمراض الخبيثة.

كما أن لجوء البعض إلى حرق المواد البلاستيكية بغرض التخلص منها دون استخدام محارق خاصة، يشكل خطراً مباشراً على صحة الإنسان وبيئته، حيث تنتج عن عملية الحرق أكاسيد الكبريت والكربون المدمرة لطبقة الأوزون، بالإضافة لمركبات غازية وسامة تلوث الهواء والبيئة وتهدد الحياة.

كذلك فإن افتقار الدول العربية لتكنولوجيا تدوير المخلفات البلاستيكية كأحد الحلول الضرورية للتخلص منها يؤدي لتفاقم الكارثة، فضلاً عن انخفاض الكثافة النوعية لملحقات البلاستيك، مما يجعل عملية جمع وفرز ونقل هذه المواد غاية في الصعوبة، بالإضافة لتدني قيمة المنتجات البلاستيكية الناتجة عن عملية التدوير.

وتستهلك الدول العربية نحو 25 مليار زجاجة مياه معبأة سنوياً، ويتم إلقاء نحو 40 بالمائة من العبوات البلاستيكية الفارغة في القمامة، وعند إعادة تدويرها تنبعث غازات سامة ورماد يحتوى على معادن ثقيلة ذات خطورة بالغة على صحة الإنسان.

وقد كشفت دراسات علمية أجريت مؤخرا أن زجاجات المياه المصنعة من مادة البلاستيك التي يطلق عليها "البولي ايثلين"، تحتوي على عناصر مسرطنة تدعى "DEHA"، وهذه الزجاجات البلاستكية تكون آمنة فقط عند استخدامها لمرة واحدة فقط، وإذا ما اضطر الشخص للاحتفاظ بها، فيجب ألا يتعدى ذلك بضعة أيام أو أسبوع على أبعد تقدير، مع الانتباه لإبعادها عن أية مصادر حرارية.

وتشير الأرقام إلى أن متوسط إنتاج الفرد من المخلفات البلاستيكية في الدول العربية، يبلغ نحو عشرة كيلوجرامات في العام الواحد. ويتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى عشرة أضعاف في حال ارتفاع مستوى المعيشة إلى ما يقارب معدلات الدول الصناعية، وهذا الارتفاع الهائل في المخلفات البلاستيكية يشكل مصدر خطورة بيئية وصحية هائلة.

وللحد من مخاطر المخلفات البلاستيكية، فإنه يجب بداية تقليل المطروح منها كنفايات صلبة، وذلك باللجوء إلى بدائل آمنة للعبوات للبلاستيك مثل الزجاج، والاستعاضة عن الأكياس البلاستيكية أو أكياس النايلون بحقائب التسوق الخاصة، وعدم شراء المواد الغذائية وخصوصا الساخنة منها في أكياس النايلون، مع الحرص على شراء واستخدام زجاجات الماء الزجاجية بدلا من البلاستيكية، واستخدام الطرق الآمنة لتدوير هذه النفايات، بما يحد من مخاطر الغازات الناجمة عن عمليات حرق هذه المخلفات، مع تقليل المواد الخام البلاستيكية المستخدمة في الصناعة.

ويتم ذلك، إما باستخدام مواد خام أقل، أو باللجوء إلى مواد خام تنتج مخلفات أقل، أو عن طريق خفض المواد البلاستيكية المستخدمة في عمليات التعبئة والتغليف، وقد بدأت الكثير من الشركات الأوربية والأمريكية في تركيز المادة الفعالة في منتجاتها؛ بحيث يتم تعبئتها في عبوات أصغر، أو الاستغناء عن العبوات الخارجية التي لا ضرورة لها. كما بدأت العديد من الدول في تشجيع تقنيات الهندسة الوراثية، التي تسعى إلى تخليق أنواع جديدة من البلاستيك الطبيعي بما يحد من مخاطر البلاستيك الصناعي.

0 comments

إرسال تعليق