| 0 comments ]



المقدمة:
    تعد درجات الحرارة من اهم عناصر المناخ لما لها من تأثير كبير على بقية عناصر المناخ الاخرى ، ويترتب على كل ذلك تأثيرات بيئية على الانسان والنبات والحيوان ، وقد اشارت الكثير من التقديرات الى انه قد طرا تغير في اتجاه درجات الحرارة في العالم نحو الارتفاع نتيجة للاستخدام غير المتوازن لمعطيات البيئة من قبل الانسان ، ولبعض الظواهر الطبيعية كالنينو .ولذلك فان دراسة مثل هذه الظواهر ومعرفة اسبابها ونتائجها توفر المعطيات والإسهامات في مجال توقعها بدقة وهذا ما يخفف من اثارها ويعزز من قدرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وحماية البيئة .
•  مفهوم الظاهرة
• النينو تيار مائي دافيء يتحرك شرقا في المحيط الهادي المداري بحركة راجعة غير اعتيادية يستغرق وصوله بحدود ثلاثة اشهر مقتربا من سواحل الاكوادور وبيرو مسببا توقف تيار المياه البارد وحركات التقلب الراسي السائدة عموما في هذا المكان .
•  والنينو ظاهره مناخية شاذة ترافقها عملية تسخن غير طبيعية لطبقة المياه السطحية في المنطقة الشرقية من المحيط الهادي .
• وقد أطلق عليها صيادي السمك في هذه المنطقة اسم الطفل   المسيح ( Chris Child) بسبب حدوثها الشائع في فصل الشتاء والذي يتزامن مع أعياد الميلاد
• ويطلق عليها اسم الطفل المذكر تمييز لها عن الوجه الأخر للنينو الذي يدعي الطفل المؤنث( اللانينيا )والتي  تمثل حالة شذوذ أخرى في المنطقة نفسها .
• إن هذه الظاهرة بشقيها تمثل الوجه الأخر للنوسان الجنوبي الذي يعني التأرجح في نظام الضغط الجوي في المنطقة الجنوبية من المحيط الهادي . SOI
• الشذوذ الحراري في العالم
•  الشذوذ الحراري هو التغير في درجة الحرارة بين المكان وبين دائرة العرض التي يقع عليها ذلك المكان .
• شذوذ حراري موجب يرتبط بوجود التيارات الدافئة في المحيطات .
• شذوذ حراري سالب يرتبط بوجود التيارات الباردة في المحيطات .
اهمية الظاهرة
•   وعلى هذا الأساس فقد برزت الحاجة الملحة لدراسة الظواهر الطبيعية الشاذة في الغلاف الجوي لمعرفة مدى الأثر الذي تتركه هذه الظاهرات بما يحدث من تغير في درجات الحرارة ، ومن بين تلك الظواهر بدأ الاهتمام بظاهرة النينو المناخية التي تحدث في شرق المحيط الهادي والتي بدأت تلقي بظلالها بشكل كبير على عناصر المناخ بشكل كبير حتى حدا بالباحثين إلى توسيع البحث في هذه الظاهرة منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي لتشمل دوائر العرض الجغرافية الوسطى ، إذ ثبت نتيجة الدراسات الموسعة والمكثفة من إن نظرية التأثير عن بعد ( Teleconnection  ) من خصائص ظاهرة النينو ، والنوسان الجنوبي .
• إن هاتين الظاهرتين النينو والنوسان الجنوبي معروفتان لدى علماء المحيطات  والأرصاد الجوية منذ عشرات السنين أيضا ولكن بما انهما تحدثان في واحد من اقل مناطق  العالم المأهولة بالسكان فقد بقيتا لأمد طويل مثار اهتمام فئة قليلة جدا من الباحثين وكان من المحتمل ان تبقى هاتين الظاهرتين مبهمتين لو لا تكرار حدوثها بعنف مما ترتب عليه تأثيرات بيئية عديدة.
•   وبالرغم من إن النينو المذكر والنينو المؤنث(الللانينيا يحدثان في نفس المنطقة الا ان الللانينيا حضيت  باهتمام اقل مقارنة بالنينو وذلك لقلة تكرارها حدوثها نسبيا خلال  العشرين سنة الماضية من القرن العشرين لآن تأثيرها اقل حدة من تلك التي تتركها ظاهرة النينو .
•  ولذلك حضيت هذه الظاهرة  باهتمام من قبل الباحثين الذين اشارو في دراساتهم الى تاثير هذه الظاهرة على عناصر الطقس في مناطق عديدة من العالم.إذ تؤدي إلى التذبذب في درجات الحرارة والتساقط وخروجها عن معدلاتها الطبيعية المعرفة خلال السنوات التي تخلو من حدوث ظاهرة النينو .
•  كما بدأت تظهر في التسعينات من القرن العشرين محاولات لتوسيع نطاق هذه الظاهرة ليشمل العروض الوسطي نتيجة ترابط خلايا الدورة العامة وانتقال التركيز الهائل للحرارة الفائضة من المنطقة الشرقية الاستوائية في المحي الهادي عبر الغلاف الجوي حول الكرة الأرضية بواسطة دورة الرياح المعدلة مما يؤدي الى تغير في الأنظمة المناخية الاعتيادية في الخلايا الأخرى .
•  تاريخ حدوث الظاهرة
•   إن هذه الظاهرة ليست من الظواهر الجوية الحديثة فقد دلت الدراسات على أنها موجودة منذ مئات السنين
• حيث امكن التأكد من ان احداث النينو تعود في تاريخها الى اكثر من 1500 سنة مضت من ملاحظة الغطاءات الجليدية وطبقاتها فوق جبال الانديز ومن اتساع مستعمرات ونمو المرجان في البحار الدافئة .
•  وأول تسجيل موثق لها تم في القرن الخامس عشر في بداية اكتشاف المستعمرين الاسبان لأمريكا الجنوبية من قبل المكتشف جيرو نيمو بنزوتي خلال المدة الواقعة بين سنة (1547- 1550)
• وكان أول من توصل إلى طرف الخيط في تفسير هذه الظاهرة التي طالما حيرت العلماء هو العالم الإنكليزي جيلبرت ووكر Walker Gilbert  ، عندما كان في الهند ، في الوقت الذي كان العلماء مشغولين بتسجيل آثار النينو ، حيث لاحظ إن هناك ارتباطا بين قراءة البارومتر ( جهاز قياس الضغط ) في بعض المناطق في الشرق ، ومثيلاتها في الغرب ، فعندما يرتفع الضغط في الشرق ينخفض في الغرب ، والعكس صحيح ، وأطلق عليها اسم التذبذب الجنوبي Southern Oscillation  ، وقد لاحظ أيضا وجود علاقة ثلاثية الإطراف تربط بين هبوب الرياح الموسمية Monsoon في أسيا ، وحدوث جفاف في كل من استراليا ، اندنوسيا ، الهند ،وبعض المناطق في أفريقيا ، ودفء الشتاء نسبيا في غرب كندا ،
•  ولكن بعد مرور خمسين عاما ، جاء العالم النرويجي جاكوب بيركنز Jacob Bjerknes ليثبت وجود هذه العلاقة بتلك التغيرات الجوية ، وأطلق عليها جملة اسم (ENSO ) ، وهكذا أتضح ما يحدث من اضطراب في نظام الضغط الجوي فوق المحيطات أثناء النينو ، حيث يبدأ الاضطراب من المنطقة الاستوائية للمحيط الهادي ، ثم ينتشر ليؤثر على حالة الجو فوق الأرض بشكل عام
•  النظريات التي تفسر النينو
• التفاعل بين المحيط والعلاف الجوي وما ينتج عنه من اختلاف في حركة الرياح التجارية الجنوبية الشرقية
•  اضطراب في اديم الارض ناتج عن زلازل ارضية وانفجارات بركانية .
• نظرية تؤكد ان العامل المفجر للنينو يقع خارج المدار وخاصة فيما يتعلق بتدفقات الهواء البارد من العروض العليا وحركة التيارات النفاثة .
•  اندلاع النينو يحدث بواسطة تأثيرات الجزيئات المندفعة من البراكين المدارية في الشهور السابقة لحدوث النينو وما يصاحبها من ضباب كثيف يخفف من تدفئة العروض المدارية .
• التغيرات التي تحدث في انماط الضغط في القارة القطبية الجنوبية .
• نظرية البقع الشمسية .
• النينو النموذجي
الموقع الجغرافي للظاهرة
•  تلتقي الرياح التجارية الشمالية الشرقية مع الرياح الجنوبية الشرقية في ITCZ بين مداري السرطان والجدي والتي تتحرك عادة بين دائرتي عرض 4 شمالا في ابريل و 8 شمالا في سبتمبر وبذلك تدفع الرياح الجنوبية الشرقية تيار بيرو البارد مبعدة المياه السطحية لتحل محلها الرياح الباردة الغنية بالمواد المغذية من الاعماق ويستمر هذا الدفع نحو الغرب مما يؤدي الى ارتفاع مستوى مياه البحر في الجانب الاخر فتتراكم وتصبح اكثر عمقا وعندما يصبح مؤشر النوسان الجنوبي سالبا .
•          النينو النموذجي
•          تراخي الرياح الشرقية
•          فتبدأ الرياح التجارية بالتراخي والضعف مما يسمح بحركة مياه البحر الدافئة بالحركة من الغرب نحو الشرق على شكل امواج كبيرة يطلق عليها امواج كلفن .
•          الطور الاوسط للنينو
•          انتقال الخلايا الحملية
• وتنتقل معها الخلايا الحملية الى وسط المحيط الهادي ثم تنتقل بعدها تدريجيا نحو الشرق ومقابل سواحل بيرو معلنة ظهور النينو .
• الطور الاخير للنينو
تأثيرات النينو
اولا – التأثيرات المناخية .
1 – التغير في درجات الحرارة والضغط الجوي .
2 – التفاوت الكبير في كميات التساقط .
3 – حرائق الغابات .
4 – موجات الجفاف .
5 – التغير في تكرار ومسارات العواصف المدارية (الهيريكين).
6_التاثير على امتدادات وحركات الامواج العليا للغلاف الغازي .
•التأثيرات الاقتصادية
ثانيا-التأثيرات الاقتصادية
1-هلاك اعداد كبيرة جدا من الاسماك وخاصة  اسماك الانشوفة والتي يعتمد عليها صيادو الاسماك في بيرو والإكوادور وما يتبعها من صناعات سمكية.
2-تناقص كبير جدا في صناعة المخصبات العضوية والتي تأتي عن طريق الطيور البحرية والتي تقتات على سمك الانشوفة.
3-ان هلاك اعداد كبيرة جدا من الاحياء البحرية تنتج في مياه البحر كميات كبيرة من سلفات الهيدروجين وهذه المادة تلون جسم السفن باللون الابيض ويطلق البحارة على هذه الحالة ”دهان كالاو .“
4-اضرار كبيرة بالزراعة وإتلاف الاف الهكتارات من المحاصيل وأضرار بليغة بالطرقات  ، والمدارس ، والمنازل وجميع البنى التحتية نتيجة الفيضانات والرياح والانزلاقات الارضية وجرف التربة.
5-تتكاثر الحشرات على شكل موجات فتؤثر في الانتاج الزراعي وتفشي الامراض الناتجة عنها.
•التأثيرات الحضارية
•    يرى بعض العلماء إن هذه الظاهرة كانت سببا في تدمير العديد من الحضارات لمدة تقدر بخمسة آلاف سنة ، بينما يرى البعض الآخر ، إنها لم تكن على الإطلاق السبب الوحيد لانهيار أي حضارة من الحضارات ، ويعتقدون إن هذه الظاهرة قامت بدور القشة التي قصمت ظهر البعير ، بعد توافر العوامل الأخرى للانهيار ، وقد أشار بعض العلماء ، إلى إن حدوث هذه الظاهرة ، أدى إلى سقوط حضارة ( الموسن ) في بيرو القديمة ، فعلى الرغم من إن تلك الحضارة استطاعت تفادي أخطار هذه الظاهرة عدة مرات ،إلا إن المرة الأخيرة أدت إلى تدمير نظام الري الناجح الذي أقامه أبناء حضارة ( الموسن ) فكانت هي الضربة القاضية ، وفيما يتعلق بحضارة المايا ، فان الدراسات التاريخية تشير إلى انهيار تلك الحضارة جاء متزامنا مع التقلص الشديد في دورة الأمطار ، والبعض الآخر له وجه نظر أخرى ، وهي إن النينو ليس لها أية علاقة بانهيار الحضارات المختلفة ، حيث انه لم تظهر دلائل ملموسة تشير إلى وجود نقص في المياه أدى إلى انهيار تلك الحضارة .
• التأثيرات الصحية
•      نتيجة للتغيرات الشديدة على المناخ والتي تحدثها ظاهرة النينو ، تنتشر العديد من الفطريات، والبكتريا ، والفيروسات ، وبالتالي تنتعش الأمراض المعدية ، مثل التهاب الكبد الوبائي ، والتيفوئيد ، والكوليرا ، والملا ريا ، والالتهاب الدماغي Encephalitis  ، الذي انتشر بشدة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة بعد حادثة النينو عام (82 – 1983) ، وانتشار البعوض ، والفئران ، والثعابين ، وحتى اسماك القرش التي تكرر هجومها على ساحل اورغون Oregon  بالولايات المتحدة ،كما تكثر الآفات الزراعية مثل، القوارض ،والحشرات.
• التأثيرات الايجابية
•   ان التأثيرات الايجابية على المحيط الحيوي والحياة البشرية اكثر صعوبة في القياس والرصد من المؤثرات السلبية واقل منها وضوحا ومع ذلك يمكن ادراج ما يأتي:
1 - امطار وفيرة في الاقاليم الجافة وحيث يساعد ذلك في ملء الخزانات المائية.
2 - نمو كبير للمراعي وتضاعف اعداد قطعان الحيوانات وإمكانية زراعة محاصيل لم تكن تزرع في الظروف الاعتيادية مثل القطن.
3 - تحسن في ظروف المناخ القاسي والبارد جدا في كندا مثلا وشمال الولايات المتحدة .
4 - قلة اعداد الهيريكين في المحيط الاطلسي  مع التأثير على انحناء المسارات المثالية لهذه العواصف العنيفة.
•  النينو وعلاقته بظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي
تنشا ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب الزيادة في نسبة ثاني اؤكسيد الكاربون في الغلاف الجوي والذي يعمل على رفع حرارته ثم احداث تغيرات مناخية محتملة على سطح الارض . ان ظاهرة النينو يترتب عليها تأثيرات واضحة على انتاج وانبعاثا هذا الغاز فإثناء النينو يضعف تدفق وصعود المياه الباردة والغنية به من الاعماق مما يؤدي الى انخفاض انبعاثه من المحيط الى الجو في الجزء الشرقي من المحيط الهادي في حين ان ظروف مناخية جافة تنشا في الجانب الاخر تقوي انبعاثات هذا الغاز من الغلاف الحيوي بسبب نتح النباتات وتحلل الترب العضوية وانخفاض عمليات التمثيل الضوئي مما يؤدي الى زيادة تراكيز ثاني اؤكسيد الكاربون في الجو وهذا ما يعطي الاحتمال بان دورة هذا الغاز وزيادة تراكيزه او قلته احيانا لا تنتج فقط من الاستخدام البشري للوقود الاحفوري والأنشطة الصناعية الاخرى ولكن قد يكون جزءا كبيرا منها يعود الى ظواهر بيئية طبيعية .
• كيف نجعل النينو يعمل لصالحنا
•     ان تحويل الآثار الكارثية والتراجيدية للنينو الى عمليات اعادة استثمار التغير في الضر وف البيئية يعتمد بدرجة كبيرة على التوقع بحدوث النينو قبل وقت مناسب بحيث يسمح هذا الوقت بتحويل مسار السلبيات وجعلها تعمل للصالح العام وبذلك فقد اهتمت المنظمة العالمية للانواء الجوية بإنشاء شبكة كثيفة موسعة متخصصة في ابحاث ورصد النينو ومنها لجنة الباسفيكي الجنوبية ومشروع ارفن والتي تعتمد على قياسات من الآلاف العوامات والمحطات الالية والعديد من السفن لقياس درجة حرارة المحيط وملوحته وفر وقات الضغط الجوي وحركة الرياح .
• ان التنبؤ بموعد اقتراب النينو وتوقع فترات الجفاف والفيضان في اجزاء مختلفة من العالم يؤثر بشكل كبير في التنمية البشرية وبذلك يصبح بالا مكان ماياتي :
1 – تخزين المياه واللقاحات والأدوية للتصدي للتهديات والمحقة بالصحة العامة .
2 – تتوقف حكومات الدول المعنية عن تصدير بعض الاغذية الرئيسية مثل الرز والذرة خشية المجاعة .
3 – تحويل عمليات صيد سمك الانشوفه الى صيد الرخويات والأحياء المرافقة للنينو ويبدأ الصيادون بتوسيع صيدهم وتنويعه وحيث قامت الجهات المعنية في بيرو مثلا بمنح قروض لبناء مراكب صيد خاصة مزوده بالثلاجات وبوجود مثل هذا الاسطول يصبح بامكانهم صيد السمك على مدار السنة وبذلك يحصلون على دخلهم وعملهم بالحالتين .
4 – زراعة محاصيل تناسب ارتفاع الحرارة وغزارة الامطار طيلة موسم النينو الذي يستمر لأكثر من ثمانية شهور

للاستاذ المساعد الدكتور
سعد عجيل مبارك الدراجي
جامعة الجبل الغربي – كلية اعداد المعلمين
مزده – ليبيا

0 comments

إرسال تعليق