| 0 comments ]

الديدان المخصبة للتربة
تعيش ديدان الأرض في طبقة التربة العليا. وهي عبارة عن كائنات حية دقيقة ذات فائدة كبيرة للمزارعين،
علما أنه، لا يتم، غالبا، ملاحظتها. وتعيش تلك الديدان على ما تأكله من بقايا النبات والحيوان، حيث تحولها
إلى مغذيات مفيدة للنباتات. كما أنها، ومن خلال جحورها، تتيح لمزيد من الهواء بالنفاذ إلى داخل التربة
وبالتالي تحسين عملية الصرف. وبإمكاننا القول، إن التربة الزراعية الغنية بديدان الأرض تعتبر خصبة، إذ
توجد لدى ديدان الأرض تأثيرات مفيدة على خصوبة التربة. وللاستفادة من الطاقة المدهشة لهذه الديدان، في
دورة تشكل التربة، يجب ضمان وجود الظروف الجيدة لنموها وتكاثرها السريعين. وعلى سبيل المثال، فإن
تعيين المكان المناسب للأشجار والشجيرات، سواء في الحزام الأخضر أو متناثرة في صفين، أو في وضع
زراعة حرجي في الحقل، يساعد على احتباس الماء ويدعم نمو الديدان ونمو التربة.
وتعتبر عملية إدخال ديدان الأرض إلى التربة من أكثر الفرص التنموية المفيدة والمتاحة للمزارعين الذين
تفتقر أراضيهم إلى الأنواع المفيدة منها. وباستعمال ألات حفر وتقطيع التربة وتوزيعها، المتوفرة حاليا في
الأسواق، يستطيع شخصان إدخال الديدان إلى 250 دونم في اليوم.
أنواع ديدان الأرض
بإمكاننا تحديد الحقول التي تفتقر إلى ديدان الأرض المفيدة، من خلال ملاحظتنا لضعف نشاط الأخيرة وغياب
براز الديدان السطحية، علما أن أنواعا معينة من ديدان الأرض الطبيعية تظهر تحت التربة، وأحيانا بأعداد
كبيرة، دون أن نلاحظ لها أي آثار مفيدة. وقد يكون تحديد الأنواع مهما عندما يكون التكاثر منخفضا وغير
فعال. وحيثما تكون الأنواع المفيدة موجودة بأعداد قليلة، فلا يمكننا الحصول على شيء من إدخال المزيد
منها ويجب عندها توجيه الانتباه إلى تحسين أوضاع التربة مع انتباه خاص إلى مستوى الكالسيوم. وعندما
يكون عدد الديدان أكثر من 300 في كل متر مربع تحت التربة، وتتبرز بغزارة، وتمنع أي تراكم سطحي من
المواد العضوية، فمن المؤكد، غالبا، أنها من الأنواع المفيدة.
أثر ديدان الأرض
تبرز الآثار الواضحة التي تنتج عن نشاط ديدان الأرض، في اندماج المادة العضوية من سطح التربة التي
تتحسن بنيتها بشكل واضح وتصبح جيدة النفاذية وسهلة التفتت، كما يتحسن نمو جذور النباتات وتزداد رطوبة
التربة. وتظهر التحليلات في ذات الوقت اختلاط مغذيات النبات مع التربة ويتضاعف معدل النفاذية من
12.5 ملم إلى 25 ملم في الساعة. وتزداد القدرة على الاحتفاظ بالماء بنسبة 17 %، وتزداد الرطوبة المتوفرة
في أعلى 30 سم من التربة بـِ 17.5 ملم (حسب الفحوصات التي أجريت على التربة). ويؤدي التحسن في
النفاذية إلى تخفيض جريان الماء والفيضان والتآكل، كما تقل المخاطرة بالانجراف مع الريح، بسبب تحسن
بنية فتات التربة التي تسرع ديدان الأرض من تحلل المواد العضوية واكتمال دورة المغذيات فيها.
ولسوء الحظ توجد للديدان أيضا بعض المساوئ، ولكنها تعتبر صفات مقبولة للتربة عالية الخصوبة، وهي
زيادة تطين السطح وزيادة التآكل في أسنان الأغنام بسبب إزالة المواد العضوية السطحية، وزيادة الترشيح
وزيادة الحاجة إلى الصيانة بالتكليس.
احتياجات ديدان الأرض وسلوكها
تتأثر ديدان الأرض بمستوى المواد العضوية والكالسيوم ورطوبة التربة والحرارة. وعموما تكون المواد
العضوية كافية تحت التربة بعد أن ترعى فيها الماشية، حيث يكون حجم ديدان الأرض متناسبا مع حجم
الماشية ويكون عدد الديدان أقل في المناطق التي لم تكن قد رعيت والتي جرى عزقها. ويحفز الكالسيوم
تكاثر ديدان الأرض ونشاطها، فتزداد أعدادها بنسبة 50 % نتيجة استعمال 2.5 طن من الجير لكل 10 دونم
وبنسبة 90 % نتيجة استعمال 5 طن لكل 10 دونم. وعادة ما تكون الأعداد القليلة مترافقة مع انخفاض معدل
الكالسيوم. وكي يكون نشاط ديدان الأرض مفيدا، فلا بد أن يكون مستوى فحص الكالسيوم في التربة يساوي
7 على الأقل. وتشجع التربة الرطبة توطد وانتشار ونشاط ديدان الأرض ومعظم أعدادها تكون قريبة من
سطح التربة الرطبة. ولكن عندما تجف التربة تتغلغل الديدان إلى التربة التحتية وتبقى في وضع خمول في
خلايا التربة، ويمكن أن تحدث هذه الحركة إلى الأسفل خلال أيام قليلة، بحيث تبقى أعداد قليلة جدا قرب
السطح في الظروف الأكثر جفافا.
أساليب الإدخال
يجري إدخال الديدان إلى الأرض، بهدف تخصيبها، عن طريق أخذ قطع من التربة الخضراء من مصدر
مناسب فيه أعداد كبيرة من الديدان، ووضعه في الحقل الذي تنقصه الديدان، مع تسميد موضعي حر بالجير.
وعندما تجف قطع التربة هذه، تنتقل الديدان منها إلى أسفل التربة.
75 ملم، حيث – وقد جرى تطوير آلة لقص قطع من التربة الخضراء بمساحة 200 ملم مربع وعمق 50
ترفع تلك القطع على مركبة وتوزع على الحقول التي تنقصها الديدان بآلة أخرى تنثر مترا مربعا من الجير
في كل 10 م وتضع قطعة من التربة الخضراء، بحيث يكون العشب موجها إلى أسفل على كل مربع مكلس.
وتفصل بين الصفوف مسافة 10 م، ويحتاج كل 10 دونم إلى 50 كغم من الجير و 100 قطعة من التربة
الخضراء.
إن وضع قطع التربة الخضراء بحيث يكون العشب إلى الأسفل، يمنعها من مد الجذور ويوفر صلة جيدة
بالأرض وإمدادا بالغذاء للديدان من الحقل شبه المتعفن. ويضمن الجير مستوى عال من الكالسيوم طوال
السنوات الأربع أو الخمس التي تحتاجها الديدان عادة لتتوطد وتتكاثر في كل متر مربع. وتعتمد الحاجة إلى
مزيد من الجير على معدل الكالسيوم، إذ عندما يكون هذا المعدل على الحد (مستوى فحص الكالسيوم يساوي
7) فبإمكان التكليس في السنة الرابعة بـِ 2.5 طن لكل 10 دونم أن يسرع من انتشار التوسع في أعداد – 5
الديدان ويوفر تغطية كاملة في السنة السادسة أو السابعة في ظروف مطر معتدل. ويكون التقدم أقل في
المناطق الأكثر جفافا، إلا أن الري يمكن أن يسرع من عملية توطد الديدان وانتشارها.
مناطق المصدر
يمكن أن توجد مصادر مناسبة لديدان الأرض في معظم الممتلكات، حتى عندما تكون مناطق واسعة من الحقل
غير مأهولة بها. وغالبا ما توجد الأنواع المفيدة قرب مواقع البناء القديم أو الحزام الأخضر، حيث تأتي مع
التربة الملتصقة بالنبات والأشجار وما شابه. وفي الأراضي التي تستعمل بكثافة للسكن، يمكن أن يتواجد
المصدر بعيدا عن المباني.
ومن الأسهل إيجاد مناطق مصدر عندما تكون التربة رطبة والديدان تتبرز بحرية على السطح. والمناطق
التي تبدو أكثر خضارا بوضوح، في أوائل الربيع، تكون هي الأنسب، ويجب أن تكون فيها أعداد كبيرة
وبشكل متساو، 500 في المتر المربع على الأقل، بحيث تحمل القطعة من التربة بمساحة 200 ملم مربع ما
لا يقل عن 20 دودة، ويمكن بلوغ أكثر من ضعف هذا العدد بالعناية الصحيحة، كما أن التكليس الشديد
بحوالي 5 طن لكل 10 دونم قبل 6 أشهر على الأقل من رفع قطع التربة الخضراء، يساعد على زيادة عدد
الديدان التي ستنقل على كل قطعة تربة. وبما أن أعداد ديدان الأرض مرتبطة بشكل واضح بمستوى إنتاج
الحقل وعدد الماشية، فإن التسميد والرعي المكثفان يساعدان على تزايد أعداد الديدان، علما أن ألة حفر قطع
التربة تعمل بشكل أفضل قي الحقل الذي رعت فيه الماشية.
ومن الضروري أن تكون منطقة المصدر خالية من الأحجار الكبيرة أو أي شيء آخر يمكن أن يعيق رفع
قطع التربة التي يجب أن تكون سهلة المنال عندما تكون التربة ما بين رطبة إلى مبللة، إذ يعتبر ذلك الوضع
الأنسب للبدء بإدخال الديدان إلى المناطق الجديدة، ولا داع لاستخدام مناطق كبيرة. وإذا أخذنا في الاعتبار
ترك مساحات لا ترفعها الآلة، فيكفي 10 دونمات من منطقة المصدر لإدخال الديدان إلى 10000 دونم جديد.
وحيثما تكون أعداد كبيرة من الديدان تتبرز بحرية وتترك أثرا مفيدا بشكل واضح، فإنها تكون صالحة
لإدخالها في أراض أخرى بنفس الموقع. ولا بد من الانتباه إلى أن التحديد الإيجابي للأنواع يساعد على
تجنب بذل جهود في غير مكانها.
استخدام ديدان الأرض لتصنيع الدبال (الكمبوست)
vermi-) تسمى عملية استخدام الديدان لتحويل المادة العضوية إلى كمبوست (دبال) بالتدبيل بواسطة الديدان
إذ أن العملية الأخيرة تستطيع تحويل نفايات المنزل والحديقة إلى سماد نباتي ومحسن .(composting
للتربة ذات جودة عالية جدا، الأمر الذي يحسن بنية التربة ويزيد من إنتاج الخضار. وغالبا لا توجد رائحة
للكمبوست الناتج عن التدبيل بواسطة الديدان، ومن السائغ الإمساك به باليد، كما بإمكاننا إضافته مباشرة
للنباتات، من خلال استعماله وهو في صواني التشتيل (مثلا) أو بوضعه في قاع البذارات. وبإمكاننا إنتاج هذا
النوع من الكمبوست من خلال تربية الديدان في أوعية أو صناديق خاصة.
إعداد صندوق ديدان الأرض
بإمكاننا صنع صندوق ديدان الأرض من الخشب، الإسمنت، سلك مغطى بقماش بلاستيكي، معدن أو بلاستيك.
40 سم، علما أن ديدان التدبيل غالبا ما تتغذى – مقاسات الصندوق المفضلة هي: 1.5 م 2 وبعمق نحو 30
على الجزء العلوي من المادة العضوية، بحيث تعمل على قضم المواد الواقعة مباشرة تحت السطح. وكلما
كانت مساحة السطح أكبر كلما ازدادت فرص الديدان بأن تتغذى. ويجب ألا يكون للصندوق قاعدة، إلا إذا
كان مصنوعا من أوعية معدنية أو بلاستيكية، فلا بد عندها من إضافة بضعة ثقوب للصرف. كما بإمكاننا
صنع وعائين مناسبين من برميل زيت بسعة 200 لتر مشطور طوليا بالتساوي (من أعلى إلى أسفل)
ومغسول جيدا. ولدى رغبتنا في تحضير الدبال، نعبئ صندوق الديدان بطبقات من مخلفات النبات والخضار
المقطع، بحيث يتخللها طبقات من الزبل والتراب. ومن ثم نرش الماء على الكمبوست ونغطيه بقطعة
بلاستيك اسود أو الكرتون. ويجب المحافظة على رطوبة الكمبوست، فضلا عن تغطيته، حيث أن الديدان
تنمو فقط في الرطوبة والظلمة. بعد نحو أسبوع إلى أسبوعين (وتحديدا عندما تبرد حرارة الكمبوست
الأولية) نقوم بعمل ثقوب (في الكمبوست) ونضع فيها ديدانا أو بيض الأخيرة. وبالرغم من وجود أكثر من
4000 نوع من الديدان، إلا أن القليل منها فقط (وتحديدا الصغيرة التي لونها أحمر زاه) يختص في عملية
التدبيل. ومن المفيد الاستفسار من مؤسسات الخدمات الزراعية أو من دائرة الإرشاد الزراعي، لمعرفة مدى
ولبدء عملية .(Eisenia foetida و Eudrilus euginea : إمكانية الحصول على أنواع موصى بها ( مثلا
التدبيل في الصندوق الواحد نحتاج نحو 50 إلى 100 دودة أرض. وفي حالة عدم إيجاد مزودين لديدان
التدبيل، فبإمكاننا تجريب الديدان المستخدمة كطعم في الصيد أو ديدان الأرض المنتشرة في الحديقة.
تحضير الكمبوست
تأكل ديدان التدبيل كل أنواع مخلفات خضار المطبخ. ومن المحبذ تجفيف الحشائش والأعشاب بعض الشيء،
وذلك لمنع ارتفاع حرارة الكمبوست كثيرا. بإمكاننا إضافة النفايات في أطراف الصندوق، بحيث نغير يوميا
المكان الذي نضيف إليه النفايات، ويفضل طمر النفايات قليلا لمنع تجمع الذباب والبعوض، أو تركها على
السطح. بعد نحو شهرين إلى ثلاثة أشهر تتحول مخلفات الخضار إلى كمبوست خصب وناعم، كما أن
الديدان تكون قد تكاثرت بسرعة. وبهدف جمع الدبال الديداني ندفعه إلى جهة واحدة ونوقف السقاية، ومن ثم
نضيف زبل قديم إلى الجهة الأخرى، بحيث نحافظ على رطوبته، الأمر الذي يؤدي إلى اندفاع الديدان إلى
الزبل وبالتالي نستطيع جمع الدبال الديداني. بعد ذلك، نواصل إضافة مخلفات الخضار إلى الصندوق، كما
في السابق، لإنتاج المزيد من الكمبوست.
تجارة الديدان
عملت كوبا، في الثمانينيات، على إيجاد بدائل للأسمدة الكيماوية المستوردة. ومن هنا، بدأ في عام 1986
البرنامج الكوبي الأول لتصنيع الكمبوست الديداني (تصنيع الكمبوست بواسطة الديدان). وكانت البداية
المتواضعة صندوقين صغيرين من ديدان الأرض الحمراء. وبعد نحو أقل من عشر سنوات، أصبح في كوبا
172 مركزا لتصنيع الكمبوست الديداني، تنتج سنويا أكثر من 99 ألف طن من الكمبوست الديداني.
ومن التجارب الناجحة الأخرى، نذكر تصنيع الكمبوست الديداني على نطاق تجاري كبير في مزرعة "إنزو
بولو" بدولة الإكوادور (أنظر الصورة)، حيث حول أحد المزارعين هناك عملية إنتاج الكمبوست من الديدان
إلى مشروع تجاري كبير يشغل أربعة عشر مزارعا بوظيفة كاملة وينتج سنويا 20 ألف كيس ( 33 كغم كل
كيس) من الكمبوست عالي الجودة الذي يباع تجاريا في الأسواق.__
إعداد: جورج كرزم

0 comments

إرسال تعليق